الأربعاء، 27 يناير 2021

الإمام محمد البشير الإبراهيمي الحلقة الأولى

 

ولد مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي بقرية "رأس الوادي " بناحية مدينة سطيف بالشرق الجزائري، يقول مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي هاجر جدي، الشيخ السعدي الإبراهيمي إلى المدينة المنورة عام 1908، هروبا من ويلات الاستعمار الفرنسي، ولحق به والدي عام 1911، قرر مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي العودة إلى الجزائر سنة 1920، وفي مخيلته فكرة حركة تحيي الإسلام والعربية في الوطن وتنشر العلم، رفض مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي رفضا قاطعا كل محاولات فرنسا لإغرائه واحتوائه، أو تثبيط عزيمته، قررت السلطات الاستعمارية نفيه إلى قرية آفلو في الجنوب الغربي من الوطن، عاد مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي فيها إلى وطنه بعد استعادة الاستقلال حتى وفاته في 20 مايو1965.

 

ولد مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي بقرية "رأس الوادي " بناحية مدينة سطيف بالشرق الجزائري، يقول مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي هاجر جدي، الشيخ السعدي الإبراهيمي إلى المدينة المنورة عام 1908، هروبا من ويلات الاستعمار الفرنسي، ولحق به والدي عام 1911، قرر مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي العودة إلى الجزائر سنة 1920، وفي مخيلته فكرة حركة تحيي الإسلام والعربية في الوطن وتنشر العلم، رفض مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي رفضا قاطعا كل محاولات فرنسا لإغرائه واحتوائه، أو تثبيط عزيمته، قررت السلطات الاستعمارية نفيه إلى قرية آفلو في الجنوب الغربي من الوطن، عاد مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي فيها إلى وطنه بعد استعادة الاستقلال حتى وفاته في 20 مايو1965.

 

عناصر الموضوع:

مرحلة التكوين للبَشِير الإِبْرَاهِيمِي والتحصيل الأولى

الرحلة المشرقية الأولى

مرحلة الإرهاصات

بدايات جمعية العلماء

قيادة البَشِير الإِبْرَاهِيمِي للحركة الدينية والثقافية بالجزائر

الرحلة المشرقية الثانية

المرحلة الأخيرة للبَشِير الإِبْرَاهِيمِي

 

تتلخص آثار وحياة الإبراهيمي في سبعة أقسام:

1 - مرحلة تكوين البَشِير الإِبْرَاهِيمِي  ( 1911):

ولد مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي بقرية "رأس الوادي " بناحية مدينة سطيف بالشرق الجزائري في 14 يونيو عام 1889، وفي بيت أسس على التقوى، من بيوتات العلم والدين، وقد أتم حفظ القرآن الكريم على يد عمه الشيخ المكي الإبراهيمي الذي اكتشف مواهبه المبكرة، وكان لها الفضل الأكبر في تربيته وتكوينه، حتى جعل منه ساعده الأيمن في تعليم الطلبة. من هذه المرحلة المبكرة من حياة الشيخ الإبراهيمي لم نعثر على آثار تذكر باستثناء بعض الرسائل الإخوانية[1] وتجدر الإشارة إلى أن الإستعمار الفرنسي في الجزائر كان ينتهج سياسة التجهيل والتفقير والطمس لمقومات الأمة وثوابتها، وذلك في كل أرجاء الوطن.

من محمد رشيد رضا مؤسس مجلة المنار (1)

2 - الرحلة المشرقية الأولى (1911 - 1920):

يقول مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي هاجر جدي، الشيخ السعدي الإبراهيمي إلى المدينة المنورة عام 1908، هروبا من ويلات الاستعمار الفرنسي، ولحق به والدي عام 1911، تأكيدا للتفاعل بين المشرق والمغرب، مرورا بمصر التي أقام بها ثلاثة أشهر، التقى خلالها بعدد من علمائها وأدبائها وشعرائها، وحضر بعض دروس مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي العلم في الأزهر، وعندما استقر بالمدينة المنورة، درس فيها على كبار علمائها- الوافدين من كل أنحاء العالم الإسلامي- علوم التفسير والحديث، والفقه، والتراجم، وأنساب العرب، وأدبهم، ودواوينهم، كما درس علم المنطق والحكمة المشرقية، وأمهات كتب اللغة والأدب، ثم أصبح يلقي الدروس للطلبة في الحرم النبوي، ويقضي أوقات فراغه في المكتبات العامة والخاصة باحثا عن المخطوطات.


والتقى مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي خلال إقامته بالمدينة المنورة، في موسم الحج عام 1913، بالإمام عبد الحميد ابن باديس، وما من شك في أن تلك اللقاءات شهدت ميلاد فكرة تأسيس جمعية العلماء.

 

وفي سنة 1917، انتقل الإبراهيمي إلى دمشق، حيث دعته حكومتها لتدريس الآداب العربية بالمدرسة السلطانية (مكتب عنبر)، وهي المدرسة العصرية الوحيدة آنذاك، بالإضافة إلى إلقاء دروس في الوعظ والإرشاد في الجامع الأموي، وقد تخرج على يديه جيل من المثقفين كان لهم أثر بالغ في النهضة العربية الحديثة.

 

من الأماكن التي كانت لها مكانة خاصة في قلب الوالد- بعد مسقط رأسه- المدينة المنورة، وكان- رحمه الله- يحثني- بعد الاستقرار- على قضاء شهر رمضان بالمدينة، لما للمكان من بعد روحي، ولسكانها من خلق وطيبة، ومدينة دمشق التي تزوج فيها بوالدتي رفيقة العمر- رحمها الله رحمة واسعة-، ودفن فيها والده وحماه وابنه.


ومن هذه المرحلة لم نعثر على آثار مكتوبة للإبراهيمي، بالرغم مما كان له من نشاط علمي وثقافي تشهد عليه شخصيات كثيرة مثل الدكتور عبد الرحمن شهبندر في رسالة باسم "النادي العربي" تتضمن دعوة الإبراهيمي لإلقاء محاضرة فيه سنة 1919، وشهادة الدكتور جميل صليبا عن أستاذه[2]، ومن نشاط سياسي مؤيد لفكرة الجامعة الإسلامية.

تعريف الإسلام (لمحمد بن عبدالوهاب)


3 - مرحلة الإرهاصات (1920 - 1931):

قرر مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي العودة إلى الجزائر سنة 1920، وفي مخيلته فكرة حركة تحيي الإسلام والعربية في الوطن وتنشر العلم، وتبعث الأمة، وأعجب بعد وصوله بالنتائج المثمرة التي حققها ابن باديس الذي كان يقود حركة ثقافية وصحفية بمدينة قسنطينة، فأقام بمدينة سطيف وأنشأ بها مدرسة ومسجدا بعد أن رفض الوظيفة التي عرضت عليه من طرف السلطات الفرنسية، وتعاطى التجارة ليقوم بأوَد عائلته، وبقي على اتصال بابن باديس. وخلال هذه المرحلة تردد على مدينة تونس حيث كان يقيم أصهاره، وحيث كانت له صداقات في الأوساط العلمية والأدبية.

 

من هذه المرحلة لم نعثر إلا على بعض الرسائل[3]، وبعض المقالات والمحاضرات التي نشرت في مجلة "الشهاب" ابتداء من عام 1929، والتي نفتتح بها الجزء الأول من هذه الآثار.


4 - بدايات جمعية العلماء (1931 - 1940):

في عام 1931 تأسست "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، كرد فعل إيجابي على احتفال فرنسا بمرور قرن على احتلال الجزائر، بعدما أيقنت أن الجزائر قد أصبحت إلى الأبد قطعة منها، مسيحية الدين، فرنسية اللسان، فجاء شعار الجمعية صارخا مدويا في وجه فرنسا، وراسما طريق الخلاص منها: "الْإِسْلَامُ دِينُنَا، وَالْعَرَبِيَّةُ لُغَتُنَا، وَالْجَزَائِرُ وَطَنُنَا".

آثَار العَلّامَة عبد الرحمن بن يحيى (العُتْمي اليماني)

ووضع مُحمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي دستور الجمعية وقانونها الأساسي، وأصبح نائبا لرئيسها الإمام ابن باديس، ومنذ عام 1933 تكفل بالمقاطعة الغربية من القطر، واختار مدينة تلمسان مركزا لنشاطه المكثف، وأسس فيها "مدرسة دار الحديث" سنة 1937، بنيت على نسق هندسي أندلسي أصيل، فكانت مركز إشعاع ديني وعلمي وثقافي، واحتوت على مدرسة ومسجد وقاعة محاضرات.
إن الجزء الأول من آثار الإبراهيمي يشتمل على ما عثرنا عليه خلال هذه المرحلة من حياته، وهي أدق حقبة في تاريخ الجزائر الحديث، نظرا لما شهدته من أحداث كان لها شأن كبير في تشكل الوعي الديني والسياسي للمجتمع الجزائري.


5 - قيادة الحركة بالجزائر ( 1952):

بعد أن رفض مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي رفضا قاطعا كل محاولات فرنسا لإغرائه واحتوائه، أو تثبيط عزيمته، قررت السلطات الاستعمارية نفيه إلى قرية آفلو في الجنوب الغربي من الوطن، في مطلع الحرب العالمية الثانية.


وبعد أسبوع من نفيه تلقى خبر وفاة رفيقه الإمام عبد الحميد بن باديس- رحمه الله-، وخبر اجتماع أعضاء الجمعية وانتخابهم له رئيسا رغم الضغوط الفرنسية الرامية إلى انتخاب غيره، فتحمل مسؤولية قيادة الجمعية غيابيا، وتولى إدارتها بالمراسلة طول الأعوام الثلاثة التي قضاها في المنفى، وبعد إطلاق سراحه عام 1943، أصبح قائدا للحركة الدينية والعلمية والثقافية في الجزائر، يجوب ربوعها معلما وموجها ومرشدا، يوحد الصفوف ويؤسس المدارس والمساجد والنوادي ويهيئ العقول لساعة الصفر التي كانت تخطط لها نخبة من الحركة السياسية.

 

وقد زُجَّ به في السجن بعد أحداث مايو 1945، وبقي فيه عاما كاملا ذاق الأمرين في زنزانة تحت الأرض حيث الظلمة والرطوبة، مما استدعى نقله إلى المستشفى العسكري بقسنطينة، فتحمل هذه المحنة بصبر المجاهد، ويقين المؤمن.

 

وفي سنة 1946 استأنف نشاطه، فبعث مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي جريدة " البصائر" من جديد في السنة الموالية بعد أن توقفت أثناء الحرب، وأشرف على تحريرها، كما أسس معهدا ثانويا أطلق عليه اسم رفيقه وصديقه المرحوم عبد الحميد ابن باديس في قسنطينة، حظيت شهادته بالاعتراف من الجامعة الزيتونية ومن معاهد الشرق العربي، ومن هذا المعهد تخرج رجال قادوا الثورة المسلحة، فمنهم من استشهد في الجهاد الأصغر، ومنهم من ساهم غداة الاستقلال في إعادة بناء هذا الوطن، كقياديين أو إطارات سامية في الدولة، فكان منهم الوزير والسفير، والوالي والمحافظ والقائد العسكري والأستاذ ومدير الجامعة الخ …


ويحتوي الجزءان الثاني والثالث من آثار الإبراهيمي على ما أنتجه خلال هذه الفترة التي هي أخصب مراحل حياته، ابتداء بما أوحت به قرية آفلو، التي لم نعثر- مع الأسف- إلا على القليل من المقامات والروايات والرسائل التي كتبت فيها، إلى ما كتبه أسبوعيا في جريدة "البصائر".
أما مقالاته الافتتاحية فقد قام هو نفسه بجمعها لتطبع في كتاب سماه "عيون البصائر"، وهو يشكل الجزء الثالث من هذه الطبعة الجديدة.


6 - الرحلة المشرقية الثانية (1952 - 1962):

سافر مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي إلى المشرق العربي للمرة الثانية عام 1952 ممثلا لجمعية العلماء ليسعى لدى الحكومات العربية لقبول بعثات طلابية جزائرية في معاهدها وجامعاتها، وطلب الإعانة المادية والمعنوية للجمعية حتى تستطيع مواصلة أعمالها وجهادها، والتعريف بالقضية الجزائرية في الأوساط السياسية في الدول التي زارها أو التقى مسؤوليها، ولدى جامعة الدول العربية.


وقد اتخذ من مصر منطلقا لنشاطه، ورعى فيها أولى البعثات الطلابية، وكان سفيرا للجزائر وصوتها المدوي، يلقي المحاضرات والدروس- خاصة في مركزي الإخوان المسلمين والشبان المسلمين- والأحاديث الإذاعية قبل الثورة التحريرية وفي أثنائها. وقد زار في هذا الشأن- بعد مصر- كلا من المملكة العربية السعودية، والعراق، وسوريا، والأردن، والكويت، وباكستان.


ووجه مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي يوم 15 نوفمبر 1954 - أي بعد أسبوعين من اندلاع الثورة- نداء إلى الشعب الجزائري، يدعوه فيه إلى الالتفاف حول الثورة المسلحة، وخوض غمار الجهاد المقدس، والتضحية بالنفس والنفيس، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لحياة العزة والكرامة، وكان هذا النداء إسكاتا لكل من يريد التشكيك في شرعية الجهاد باسم الدين، ودفعا قويا للثورة الوليدة.


ويشتمل الجزء الرابع على ما استطعنا جمعه من آثار الإبراهيمي، خلال القسم الأول من رحلته المشرقية الثانية (1952 - 1954)، أي قبل اندلاع ثورة التحرير، ويعكس نشاطه الحثيث في التعريف بواقع الجزائر وقضيتها. أما الجزء الخامس والأخير من آثار الإبراهيمي فيغطي الثورة التحريرية (1954 - 1962)، ويشتمل على ما جمعنا من مواقفه المعلنة والمنشورة عن ثورة الجزائر.

7 - المرحلة الأخيرة (1965):

وهي التي عاد مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي فيها إلى وطنه بعد استعادة الاستقلال حتى وفاته في 20 مايو1965. وخلال هذه المرحلة اضطر إلى التقليل من نشاطه بسبب تدهور صحته من جهة، وبسبب سياسة الدولة التي شعر أنها زاغت عن الاتجاه الإسلامي، فانحصر نشاطه في حدثين ختمنا بهما الجزء الخامس من آثاره:

إلقاء أول خطبة جمعة بعد استعادة الاستقلال، افتتح بها مسجد "كتشاوة" بالعاصمة، الذي رجع كما كان مسجدا بعد أن حوله الاستعمار الفرنسي إلى كتدرائية طوال قرن وثلث، وقد ألقى الإبراهيمي هذه الخطبة المشهودة بحضور وفود من جميع الدول العربية والإسلامية.


إصدار بيان 16 أفريل 1964، الذي دعا فيه السلطة آنذاك للعودة إلى الحكمة والصواب، وإلى جادة الإسلام، بعد أن رأى البلاد تنحدر نحو الحرب الأهلية، وتنتهج نهجا ينبع من مذاهب دخيلة مضادة لعقيدتنا وروحنا وجذورنا.



[1] نشرت مجلة "الموافقات" في عددها 4، السنة 4 (يوليو 1995) [ص: 762]، إحدى هذه الرسائل.

[2] مجلة " الثقافة " الجزائرية، عدد 87، مايو 1985، [ص: 55].

[3] نشرت إحدى هذه الرسائل في كتاب "دعائم النهضة الوطنية الجزائرية" لمحمد الطاهر فضلاء، [ص: 43].

إذا كنت تحتاج إلى عدد أكبر من الفقرات يتيح لك مولد النص العربى زيادة عدد الفقرات كما تريد. هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة, ومن هنا وجب على المصمم أن يضع نصوصا مؤقتة على التصميم ليظهر للعميلً